فإن الله سبحانه وتعالى قد أنعم على هذه الأمة بأن أرسل إليها رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، ليزكيها ويعلمها ويتمم فيها صالح الأخلاق، وكان هو صلى الله عليه وسلم أتقى الناس وأحسنهم خلقاً، وكان لتعليمه للأمة أعظم الآثر في تغيير المعتقدات والسلوك والأخلاق والمعاملات، فصاغ المجتمع صياغة جديدة، طهرته من الظلم والتفرق والعصبية وحمية الجاهلية، فأصبح المجتمع مجتمعاً متآلفاً يحرص بعضه على الإحسان لبعض وعلى إيثاره وعلى النصح له ورعاية مصالحه، وأصبح التفاضل بينهم بحسب تقواهم وسابقتهم في الإسلام.
ومن الأمثلة العظيمة على رعايتهم مصالح الآخرين عند المعاملة ما رواه الطبراني في ترجمة جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه فذكر أن غلاماً له اشترى له فرساً بثلاثمائة فلما رآه جاء إلى صاحبه فقال إن فرسك خير من ثلاثمائة فلم يزل يزيده حتى أعطاه ثمانمائة.. كذا في فتح الباري. وكان هذا بسبب تأثره بمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة والنصح لكل مسلم كما في حديث البخاري ومسلم.